التعزية في "البوكمال"...مثال للتكافل الاجتماعي
فريد موسى
السبت 24 تشرين الأول 2009
تختلف مجالس العزاء من منطقةٍ لأخرى تبعاً لعادات وتقاليد سكانها الذين ألِفوا هذه العادات منذ نعومة أظافرهم وتناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل. مراسل eSyria التقى بالأستاذ "حميد السيد رمضان" أحد أدباء مدينة "البوكمال" ليحدثنا عن طقوس التعزية في المدينة؛ حيث قال:
«يدوم مجلس العزاء ثلاثة أيام من العصر وحتى المساء يومياً؛ وفي اليوم الثالث وبعد صلاة العشاء تقرأ سورة "يس" ، وشيء من سيرة الرسول (ص)، وبعدها دعاء للميت، ودرس للحضور وغالباً ما يتعلق بالموت والصبر والأعمال التي يصل ثوابها للميت. وهكذا تنتهي التعزية بالسلام على آل الفقيد، إن ما يميز سكان مدينة "البوكمال" هو التزامهم بالنسبة للتعزية بما يلي:
1- اختصار وقت التعزية، وحصرها من العصر وحتى المساء.
2- عدم تقديم الدخان بمجلس الفاتحة لما فيه من ضرر صحي ومالي .
3- عدم تقديم أي شيء من السكاكر والحلويات والفاكهة أثناء المولد (ثالث يوم التعزية )
4- عدم القيام بالموالد السبعة بعد وفاة الميت».
ثم تابع حديثهُ قائلاً: «كما تمتاز المدينة عن غيرها من المدن الأخرى بأن كل ما سنذكره مجّاني؛ من غسل الميت ومكان القبر وحفره، وجميع السيارات التي تنقل المشيعين إلى المقبرة ذهاباً وإياباً. وتنصيب الخيمة مع توابعها من كراسي ووسائل تدفئة أو تكييف لأنها بالأصل من تبرعات أهل المدينة؛ وقيام البلدية بالاهتمام بالمنطقة المحيطة بمجلس العزاء ورشها بالمياه لمدة ثلاثة أيام. كما يُقدم الطعام لآل الميت من قبل أقربائه وأحبائه».
ثم أضاف:
|
المُعزّون داخل الخيمة |
«إنها صورة رائعة تشعرك بأن أهالي المدينة يعيشون كأسرة واحدة، ونتمنى من الله أن يديمها عليهم. وحبذا لو اتفق سكان المدينة على أن تكون التعازي وحفلات الزواج بالجوامع ليتجنبوا الكثير من السلبيات، وليوفّروا الكثير من النفقات. وحبذا لو شكلت لجان لتزويج الشباب وتهيئة شقق سكنية للمتزوجين أو الراغبين بالزواج، ولجان لنصرة المظلوم، وتشغيل العاطلين عن العمل، ولحل الخصومات، ولتوثيق الروابط الاجتماعية، ولمساعدة المحتاجين من الطلاب لمتابعة تحصيلهم الجامعي وغيرها».
الحاج "توفيق السلمان" خطيب جامع "عمر بن الخطاب" وهو أحد المُعمّرين في المدينة؛ قال: «كانت التعزية في الماضي تستمر إلى حوالي أسبوع أو أكثر؛ وخلال هذه المدة يُقدّم آل الفقيد ثلاث وجبات يومياً للمُعزّين ما عدا الحلويات والمشروبات من شاي وقهوة ودخان بجميع أنواعه، وكل هذا كان يكلفهم أموال كثيرة تُصرف من غير سبب، وليست هنا المشكلة بل عندما يتوفى أحد الأشخاص من عائلة فقيرة تكون الأمور أكثر سوءً. لكن الحمد لله كل ذلك تغيّر إلى الأحسن، فالآن لا تبقى خيمة العزاء منصوبة أكثر من ثلاثة أيام؛ والأكل والحلويات والدخان كلها ألغيت، وأصبح الناس أكثر وعياً من السابق فيما يتعلق بواجب المسلم تجاه أخيه المسلم في الأحزان وتقديم يد العون له في محنته».