"هاني الكمال"..فنان من صميم الـ"بوكمال"
فريد موسى
الاثنين 26 تشرين الأول 2009
اكتشف موهبتهُ في الغناء بنفسهِ؛ لم يتلقّ أية توجيهات في أصول الغناء لكنهُ أجاد غناء اللون الفراتي بكل سهولة؛ عانى كثيراً من رفض المجتمع لموهبته الغنائية لكنهُ لم يكترث ومضى بحنجرتهِ بكل ثقة؛ وفي نهاية المطاف ترجّل عن صهوة جوادهِ رغماً عنه والتفت كغيره من البشر لعملٍ يؤمّنُ لقمة العيش له ولعائلته ومع ذلك بقي الفن هاجسه الوحيد.
الفنان "هاني الكمال" كان إحدى محطات مراسل esyria التي توقف عندها بتاريخ 15/10/2009م عندما التقاهُ في مدينة "البوكمال" فكان للفنان هذا الحديث:
«بدأتُ الغناء وأنا في الصف الثالث الابتدائي عندما كنت أغني في حصّص الموسيقى فذاع صيتي بين المدرسين والمدير الذين أُعجِبوا كثيراً بصوتي فقرّر مدير المدرسة تقديمي كموهبة حقيقية للمشاركة في مسابقات رواد الطلائع وبالفعل أحرزت المراتب الأولى في كل مسابقة، عندما انتقلتُ إلى المرحلة الإعدادية كان المجال أوسع لإبراز صوتي فانضمّمتُ إلى فرقة الشبيبة وبفضل هذه الفرقة استطعتُ المشاركة في عدة مهرجانات فنية كنت ألقى إعجاب الحضور في كل مرة، انضمّمتُ إلى المتسابقين في نادي الهواة ونجحت بجدارة ثم انتقلتُ إلى المرحلة الثانية للمسابقة لكني لم أتابع وعدّتُ إلى "البوكمال". في عام/1996/م صدرَ ألبوم غنائي بصوتي والأغاني كانت من كلمات الشاعر "محمد الخليف" وألحان عازف الكمان الأستاذ "محمد الحسو" ووُزّع هذا الألبوم في معظم محافظات القطر وحقّق نجاحاً كبيراً، كذلك في عام/2002/م صّدرَ ألبومٌ آخر تم تسجيله في استوديوهات "العراق" وبمرافقة فرقة الفنان "فاتح الحسن" الموسيقية.
ثم في عام/2006/م حصلت على ثناء وشهادة تقدير من الموسيقار "هادي بقدونس" عندما شاركت في مهرجان "حماه" للغناء الفردي
|
من إحدى حفلاته على مسرح الشبيبة |
فكان يترأسٍ لجنة التحكيم فقال لي يومها: لو كان هناك مركزٌ أكبر من المركز الأول لأعطيتك، فهذه الكلمات التي سمعتها من فنانِ عظيم كـ"هادي بقدونس" تعتبر أعظم شهادة بالنسبة لي وأفتخر بها حتى الآن».
وعن دور المادة والوسط الاجتماعي في تطور الفنان وشهرته؛ أجاب: «ربما المادة هي الداعم الأول لصقل الموهبة الفنية وبدونها فإن الفناء سيكون من نصيبها، فأنا مثلاً حاولتُ مراراً أن أطور نفسي فنياً واندمج مع الفنانين الكبار فسافرت إلى جميع محافظات القطر وقابلت مختلف الفنانين الكبار واستفدّتُ كثيراً من تجاربهم الفنية لكن في النهاية عدّتُ إلى مدينتي ولا أملك شيئاً من المال فأُجبرتُ على العمل في مجالٍ آخر غير الغناء وذلك لتدبير أمور عائلتي وأصبح الفن بالنسبة لي موهبة فقط وليس مصدراً للرزق وخاصةً وسط المجتمع الذي أعيشه. وأمرٌ آخر جرحني كثيراً مثلما جرح الكثير من الفنانين قبلي وأصبح حاجزاً دون تحقيق طموحاتي وهو رفض المجتمع الذي أعيش في خضمهِ للغناء والفن بشكل عام ونظرتهم السلبية للفنان، لذلك تركت الحفلات الشعبية التي كنتُ أحصل على بعض المال منها وتفرّغتُ للجلسات الفنية الخاصة التي تجمع أصحاب المواهب وعشاق الموسيقى».
وعن طموحاته المستقبلية التي رسمها لنفسهِ؛ أجاب:
|
حفلةٌ في التسعبنبات |
«لكل فنان حقٌّ شرعي في أن يطمح بالشهرة والنجاح الكبيرين؛ وأنا منذ صغري وحتى الآن حاولتُ أن أصنع لي اسماً في الساحة الفنية لكن دون جدوى ليس لأنني غير مؤهلٍ لذلك؛ بل ربما سوء الطالع والحظ العاثر هما سبب معاناتي الطويلة، لكن ما أريده وأتمناهُ الآن هو أن أتفرغ لعملٍ متعلق بالفن ويكون من ورائه راتبٌ شهري أعيشُ منه عند ذلك فقط أستطيع تحقيق طموحاتي في خلق واكتشاف مواهب شابة وتبنيها».
وعن رأيه بالأغاني السائدة الآن؛ قال: «أنا لست ضد الغناء الراقص والموسيقى السريعة فبالنهاية كلها تسمى موسيقى؛ ولست ضد الآلات الموسيقية الغربية والكهربائية وإدخالها في موسيقانا الشرقية لكن ما أريده من الفنانين الشباب الحاليين أن يُغنّوا كلاماً محترماً وحلالاً ولا يُكرّهونا الموسيقى وبالتالي عليهم أن يحترموا أنفسهم أكثر مما نشاهدهُ ونسمعهُ من أغاني هابطة؛ فالموسيقى بالنهاية ليست إلا رسالة سامية يتناقلها الشعوب فيما بينهم فليجعلوا هذه الرسالة أكثر احتراماً».
كلمة أخيرة وجه من خلالها الفنان "هاني الكمال" الشكر إلى موقع esyria الجهة الإعلامية الوحيدة التي تسلط الضوء على فناني المدينة الذين باتوا غرباءً حتى على أبناءِ مدينتهم.
الفنان "أحمد الكمال" شقيق الفنان "هاني" قال: «يتميز صوت "هاني"
|
من إحدى الحفلات في "دير الزور" |
بنبرةٍ حزينة ولديه مساحة صوتية كبيرة وهو قادرٌ على غناء أكثر من لون؛ لكن اللون الطاغي على صوته هو اللون "الفراتي" وهذا شيء طبيعي لأنه أبن "الفرات" ولو تهيّأت له الظروف والفرص المناسبة لكان الآن من كبار الفنانين على المستوى العربي».
بقي أن نذكر أن الفنان "هاني" من مواليد مدينة "البوكمال" تولد عام/1973/م
عمل مدرباً لآلة العود مدة خمس سنوات في معهد "الباسل" ومدرباً لفرقة الشبيبة في "البوكمال".