"أحمد كمال"... يرفض أداء الأغاني الشبابية
فريد موسى
السبت 29 آب 2009
لم تظهر موهبة الغناء لديهِ مبكراً كما هي العادة عند الكثير من المطربين؛ بل تأخرت إلى منتصف العقد الثالث من عمره، كما لم يتخذ لنفسهِ معلّماًَ لتعلّمِ أصول الغناء؛ بل أطلق العنان لحنجرتهِ عالياً لتعانق نسمات الصيف الباردة على ضفاف نهر "الفرات" بعيداً عن صخب الحياة ومتاعبها، فاستطاع بفضلِ لهجته الفراتية الأصيلة وإحساسه المفرط أن يسجّل اسمهُ بين كبار الفنانين في المحافظة؛ لهذا كان لا بد لنا من وقفةٍ أمام موهبةٍ حقيقية وُلِدت وترعرعت في مدينة "البوكمال" وسط أجواءٍ بعيدة عن الفن، إنهُ الفنان "أحمد كمال" الذي التقينا به في جلسةٍ خاصة ليُحدّثنا عن مسيرته الفنية؛ فقال: «بدأتُ الغناء وأنا في الخامسة والعشرين من عمري وكان ذلك في عام/1980/م وذلك بتشجيعٍ من والدي ومن بعض الأصدقاء المقرّبين فذاع صيتي بين أهالي المدينة وباتوا يدعوني لإحياء حفلات الزفاف، لم يكن يرافقني في الغناء من آلاتٍ موسيقية سوى "الطبلة" ومع ذلك كانت الحفلة تنالُ إعجاب الحضور؛ ومع مرور السنين أصبحنا ثلاثة مطربين وترافقنا آلة "العود" و "الكمان" و "الرق" وبذلك شكّلنا فرقة موسيقية صغيرة وكان يطّلقُ عليها في محافظة "دير الزور" اسم "الفرقة الريفية" وبالرغم من إمكاناتنا الموسيقية البسيطة استطعنا أن نستحوذ على إعجاب الكثيرين من أبناء المحافظة، وفي فترة التسعينيات تم تشكيل فرقة موسيقية وتمثيلية باسم فرقة "شبيبة الثورة" وكنتُ على رأس تلك الفرقة سواءً كان في التمثيل أو في الغناء وشاركنا في الكثير من المهرجانات على مستوى المحافظة».
|
وتابع حديثه قائلاً: «وبفضل اللون الفراتي المميز الذي أغنيه تلقيت بطاقات دعوة من مختلف المحافظات للمشاركة في حفلات الزفاف كضيف شرف، وخلال السنوات الثلاثة الماضية سافرت إلى دولة "قطر" بدعوةٍ من صاحب إحدى صالات الأفراح لإحياء الحفلات هناك لكني لم استطع الاستمرار والعيش في الغربة، والآن كل أحلامي في النجاح كفنان حقيقي تبخّرت وركعت أمام الوضع المادي واكتفيت الآن بالغناء في سهراتٍ خاصة أكسبُ من ورائها بعض المال».
وعن المطربين الذين تأثر بهم، قال: «أكثر من تأثرتُ بهم محلياً هم نجوم الغناء الفراتي والذين يطلقُ عليهم جيل السبعينات أمثال "سالم رمضان" و "نبيل الآغا" و "محمد الهزاع" و "دياب مشهور" أما على مستوى الدول العربية فمطربي الريف العراقي هم في المقدمة أمثال "الحضيري" و "داخل الحسن" و "ناصر الحكيم" و "ناظم الغزالي"».
وعن رأيه بالجيل الجديد من المطربين، قال: «أرى أن مسيرتي الفنية شارفت على الانتهاء مع ظهور هذا النوع من الغناء؛ فربما لم يعد لدي مكانٌ بين هذه الأغاني الهابطة؛ فلقد أصبحت الآلات الموسيقية الكهربائية هي التي تقود الحفلة من بدايتها إلى نهايتها دون الحاجة إلى أيّ توزيعٍ موسيقي في حين كان عازفي "العود" و "الكمان" في الماضي يتنافسون في العزف ضمن توزيعٍ موسيقي رائع، ومهما وصل بي الحال فمن المستحيل أن أغني هكذا نوع من الغناء الذي لامعنى له، لكن مع ذلك يبقى للطرب الأصيل جمهورهُ الخاص به».
وأضاف: «الآن المادة هي وحدها تصنع النجومية والشهرة وما نراهُ الآن ونسمعهُ هو أكبر دليل، بقيتُ طوال ربع قرنٍ تقريباً أغني الطرب الأصيل وحاولت كثيراً الحصول على دعمٍ مادي لتطوير موهبتي لكن دون جدوى؛ تعلمتُ العزف على آلة "العود" بمفردي منذ عام /1990/م ومع ذلك لا أملك ثمن شراء هذه الآلة حتى الآن، فكيف يمكن لموهبةٍ أن تنمو وتكبر في تربةٍ لا ترويها نقطة ماء؟».